همسات الحب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لغز انتحار امرأه جميله

اذهب الى الأسفل

لغز انتحار امرأه جميله Empty لغز انتحار امرأه جميله

مُساهمة من طرف اسلام الشبراوى الأربعاء أبريل 23, 2008 1:02 pm

في تلك الأيام من بداية السبعينيات كانت الحياة في مصر تعج بخليط عجيب من الناس. ناس من العهد الماضي. عهد ما قبل الثورة. بقايا الارستقراطية المذعورة. التي سنحت لها ظروف التحولات ترفع صوتها. متمسكة بذكريات الماضي. لكنها في نفس الوقت تسعي للاستفادة من نوع آخر من الناس، هؤلاء الذين جعلتهم نفس التحولات رجال أعمال ومال. وبالطبع كانت في مصر في ذلك الوقت أنواع أخري من الناس هي معظم السكان. سكان هذا البيت الواسع الجميل. لكن هؤلاء ليسوا موضوعنا، ولا علاقة لهم بقصة هذا المحضر المأساوي.
في ذلك الوقت. حدثت زوبعة في النادي الارستقراطي العريق الذي يقع في حي راق شهير. عندما فوجيء الجالسون في الشرفة المواجهة لحمام السباحة بغادة هيفاء ممشوقة القوام كما يقولون تدخل المكان مرتدية 'مايوه' مثير. أحمر يصرخ بالثورة ينكمش في ألم شديد علي جسد صاحبته ومحترقا من حرارة الجسد الجميل. البارع الجمال!


أوه.. صاروخ!
ارتفعت صيحة أحدهم رغما عنه.
شخصت الابصار كلها. الجالسون والذين يسبحون الي الحسناء الشابة­ التي أعلن مجرد ظهورها أن علي جميع جميلات النادي أن ينسحبن­ وألا ترفع احداهن صوتها بعد اليوم. ولم تكن هذه مبالغة فهذا هو ما حدث تماما بعد ذلك.
هي أيام قليلة. بعدها أصبحت هادية برهان­ وهذا ليس اسم بطلة القضية الحقيقي­ هي جميلة جميلات النادي.
كل شبان النادي تعلقوا بها. وحاول كل منهم التقرب منها. وانتهاز أي فرصة ممكنة للحديث معها. وحاول كثيرون لديهم الجرأة والقدرة الفوز بقلبها. لكن مسعي معظهم باء بالفشل!
أما عن غيرة عضوات النادي فحدث ولا حرج اذ ان هادية برهان كانت فعلا جميلة الجميلات. ولم يكن ذلك معروفا داخل النادي فقط بل كان كل سكان الحي الراقي يعرفون ذلك. وما أكثر ما تابعتها العيون وهي تسير في الشوارع الهادئة عصر كل يوم تتمخطر بالبنطلون الضيق جدا. وكأنه ليس قماشا، بل مجرد لون آخر للجسد الرهيب. بلوزة شيك فاتحة الألوان، وهي تمسك في دلال بسلسلة تنتهي إلي رقبة كلب لولو ضئيل الجسم أبيض اللون، لايجري بل يتمخطر مثل صاحبته الهيفاء!


أصبحت 'هادية برهان' نجمة النادي بلا منازع.
وانتظم شباب النادي في الحضور في المواعيد المعروفة التي كانت هادية تأتي فيها. أما النساء فقد شاركن دون أن يدرين في صياغة اسطورة هادية برهان عندما بدأن ينسجن بالغيرة والحقد حكايات مبالغ فيها. ونميمة كاذبة. لكن الحقيقة ان مهمتهن كانت سهلة. اذ ان تصرفات هادية نفسها كانت تغذي هذه الحكايات وتلك النميمة.
كانت هادية قد ولدت وسط أسرة عريقة ولكن الكثير من أفراد هذه الأسرة غادروا مصر مع من غادرها في الخمسينيات والستينيات واستقروا في بلدان أوروبا. أما من بقوا منهم فقد تمسكوا بمظاهر الارستقراطية القديمة. واقبلوا علي الدنيا يتجرعونها حتي الثمالة.
وبالتأكيد كانت هادية برهان فتاة متحررة.
كان حضورها أية حفلة راقصة يعطي الحفل أهمية كبيرة.
وكانت تذهل الجميع في كل مرة. ليس فقط لجمالها الطاغي الذي يزداد يوما بعد يوم. وانما بأناقتها الشديدة في وقت كانت فيه ماركات الأزياء العالمية يتم تهريبها الي شارع الشواربي.
فان هادية برهان لم تكن ترضي أبدا الا أن تكون ملابسها 'سينية' من باريس وبقية بلدان الموضة.
فجمعت بين الأناقة والجمال، فكثر معجبوها وتضاعفت حاسداتها!
وبالاختصار فقد اضحت هادية برهان نجمة المجتمع المخملي. وكما كانت السندريللا سعاد حسني في ذلك الوقت حلم الشباب. تماما أصبحت هادية برهان محطمة قلوب شباب ذلك المجتمع الارستقراطي. تظهر صورها في حفلات هذا المجتمع في المجلات اللبنانية. وتزين هذه الصور صفحات المجتمع والحفلات في تلك المجلات!


ومن بين كل عشر شائعات كانت تنطلق كل يوم في أرجاء النادي الارستقراطي. أو بين نساء المجتمع الحريري. كان لابد أن تكون هادية برهان بطلة خمس أو ست شائعات!
كانوا يحكون عنها كل يوم اخر قصة حب في حياتها. ثم يتحدثون في اليوم التالي عن حكايتها مع الوسيم المجهول الأسمر البشرة الذي راقصته في حفلة أمس. وفي نهاية اليوم يؤكدون في تليفونات النميمة انها سوف تتزوج مليونيرا امريكيا وقع في غرامها في بهو أحد الفنادق الكبري!
وكانت هناك دائما حولها حكايات حقيقية.. وحكايات مبالغ فيها!
لكن المؤكد انها كانت فراشة جميلة عاشقة للحياة المرفهة. والمؤكد أيضا انها كانت سعيدة بالسباحة في بحر الاعجاب. بانها ليست فقط تحت الأضواء. وانما هي الضوء نفسه ومن حولها ظلال!
الأكثر تأكيدا أن هادية برهان عاشت حياتها بالطول والعرض. كانت فوق جمالها تجيد الحديث بثلاث لغات أجنبية بطلاقة. ربما لأنها تزوجت ذات مرة من أجنبي يعمل في أحد الفنادق المصرية. وذهبت معه الي بلده وحصلت علي الجنسية ثم انتهي هذا الزواج بعد عام أو قليل، ثم تزوجت للمرة الثانية من أجنبي آخر وايضا حصلت علي جنسيته.
كانت حياتها حفلات ورقص وسفر بين بلدان اوروبا الجميلة. وعلي قدر ما كانت الثروة تلقي تحت قدميها. بقدر ما كانت هي تسرع بالتخلص من المال وكأنه جرثومة تريد الخلاص منها. كانت أكثر من مسرفة كان يكفي أن تستيقظ ذات يوم وهي مكتئبة في الصباح. لكي تقرر حجز جناح في أحد الفنادق الكبري. تعيش فيه شهرا أو شهرين.. علي سبيل التغيير!
هل كانت هادية برهان سعيدة بحياتها؟
ان احدا لم يسأل عصفور عن مشاعره وهو يحلق بين السحاب. ولم تكن هادية برهان تعيش الحياة. بل 'عصير الحياة' كانت مثل اسمهان تكره شيئين اثنين في الحياة كأسا فارغة ولابد أن يلمؤها الخمر. وكأسا مترعة لابد أن تحتسبها حتي آخر نقطة فيها!
ان أكثر ما يضايقها أن.. الليل قصير!
أن ساعات الليل الذي تضيئه بجمالها معدودة. لا يلبث ضوء الفجر في النهاية أن يداهمها. ثم يظهر أول شعاع من الشمس. فتنتهي الحفلة، تعود هادية برهان الي بيتها مع أول ضوء. وثمة نظرة كسيرة في عينيها الجميلتين. عندما تدرك اللعبة الجميلة 'باربي' التي تضيء لمن حولها حياتهم. أنها بكل جمالها. لا تستطيع ان تواجه.. ضوء الشمس!


الحياة أربعة فصول
وحياة أي انسان مائة فصل
لكن فصول الطبيعة تمضي أقل بطئا في فصول حياة بني آدم!
لا المال ولا المركز.. ولا الكلام هو الذي يقهر الإنسان بل هو وحده.. الزمن!
الزمن.. هو وحده قاهر البشر!
وكل عصر.. وهو الوقت الذي كانت تستيقظ فيه هادية برهان من نومها. كان أول ما تفعله عندما تغادر فراشها هو أن تجلس امام مرآتها. تتطلع في خوف الي قسمات وجهها. ويرتعد قلبها فزعا عندما تلمح بداية تجعيده قادمة أسفل العين. أو عند نهاية الرقبة الطويلة الجميلة!
الزمن وحده.. كان أقوي من جمال هادية برهان!
مثل كل شيء في هذه الدنيا. يصعد ثم يسقط يرتفع ثم يهوي. يشرق ثم يذبل. وهكذاكانت هادية برهان!

ربما لم يلاحظ أحد حولها ذلك علي مرور السنوات لكنها كانت بعين قاسية لاترحم ترصد نفسها. لاترحم نفسها. وكما أن لكل حفلة بداية ونهاية. فقد أدركت أن نهاية حفلة حياتها علي الأبواب. كانت تزوجت من رجل أعمال عربي انجبت منه طفلة جميلة تشبهها لاتتعدي الآن العاشرة من عمرها. لكن السنوات حفرت في 'باربي' الجميلة علاماتها المؤلمة. أدركت وهي لم تتجاوز بعد الخامسة والأربعين من عمرها انها اختصرت حياتها في هذه السنوات. وأن النهاية نذير يدق علي أبواب العمر، وأنه لا الجمال. ولا المال.. ولا شيء.. ولا الدنيا تدوم لأحد!


الأفراح.. لها مقدمات!
لكن المفاجآت وصدمات الحياة المؤلمة لاتدق الأجراس.. قبل أن نفتح لها أبواب حياتنا!
هذا ما حدث مع هادية برهان
الزوج الأخير الذي علقت عليه كل الآمال، والد طفلتها الوحيدة الجميلة. رجل الأعمال العربي. سرعان ما انقلبت عليه الأمور.. فحاصره أصحاب الديون، الشيكات التي بلا رصيد. وأحكام السجن الغيابي. وذات يوم دق جرس الباب وفتحت الشغالة أو 'الدادة' لتجد رجال الشرطة يدخلون ويسحبون معهم الزوج المديون الي السجن. هادية تراقب المشهد عبر باب حجرة نومها الموارب وهي ترتدي قميص نوم حريري!
أما الفصل الأخير.. فقد كان شيئا صعبا!
الدمية الجميلة 'باربي' التي اسمها هادية برهان كبرت وراحت عليها وهي لم تزل في منتصف الاربعينات من عمرها. وانسحب معجبو زمان. ولم يعد أحد منهم يرد علي تليفونها. بعد ان كانت تتهرب من تليفوناتهم!
وحتي الفنادق الكبيرة التي كانت تعرفها وتفخر بانها اشهر زبوناتها. أصبح مديرو هذه الفنادق يطلبون من موظفي الاستقبال. أن تدفع حساب اقامتها يوما بيوم. لأنه لم يعد هناك معجب سوف يسدد الفاتورة بتوقيعه الكريم!


في محضر البوليس..
قال '.........' سايس جراج في عمارة بالحي الهاديء في السادسة صبح يوم 1 ابريل كنت جالسا أمام العمارة عندما سمعت صوت ارتطام شديد. اسرعت من مكاني، لأجد مدام هادية مسجاة علي الأرض تماما تحت نافذة شرفة حجرة نومها بالطابق الثالث.. كانت ترتدي كل ملابسها الأنيقة.. لكنها كانت جثة هامدة!


وقالت الشغالة '..........' كانت سيدتي هادية مرجان تعاني من مرض الاكتئاب منذ فترة طويلة. وقد كانت تعالج، لكن يبدو أن العلاج لم ينفعها كثيرا. لانها حاولت قبل فترة الانتحار من الطابق الثالث عشر من فندق كبير يطل علي النيل!


ماتت هادية برهان!
سقطت أو اسقطت. من بلكونة تماما مثل سعاد حسني.
عندما طلبت الاطلاع علي محضر انتحارها قال لي رئيس النيابة:
اشمعني دي.. الناس بتنتحر كل يوم.. ودي واحدة انتحرت.. ما فيهاش حاجة!


أين طفلتها البريئة؟
أين زوجها الهارب من البلاد بعد انتهاء فترة سجنه؟
أين من يتعظ من الحكاية؟









لا أعرف!



اسلام الشبراوى
اسلام الشبراوى

عدد الرسائل : 278
تاريخ التسجيل : 15/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى